هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يهتم بالشؤون الدينية والقضايا الإسلامية في عصرنا الحاضرفي المذهب المالكي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
المواضيع الأخيرة
»  المدارس الفقهية المالكية وتوزيعها الجغرافـــي
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 22, 2012 6:36 pm من طرف الحسين شكور

» السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 22, 2012 6:30 pm من طرف الحسين شكور

» مِـن حِـكـم الامام مـالـكـ
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 11:13 pm من طرف الحسين شكور

» خصائص المدرسة المالكية المغربية
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 10:44 pm من طرف الحسين شكور

» لمدرسة المالكية الفاسية: النشأة الأولى والمميزات عـهـد الـدولــة الإدريـسيـة
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 10:31 pm من طرف الحسين شكور

» إسهامات المغاربة في علم أصول الفقه
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 10:10 pm من طرف الحسين شكور

» الشخصية العلمية في القرويين
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 4:16 pm من طرف الحسين شكور

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 8 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو الحسين فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 9 مساهمة في هذا المنتدى في 7 موضوع

 

 السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحسين شكور
Admin
الحسين شكور


عدد المساهمات : 12
نقاط : 33
تاريخ التسجيل : 15/12/2012
العمر : 44
الموقع : المدير

السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى Empty
مُساهمةموضوع: السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى   السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 22, 2012 6:30 pm

‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها
‏وبين المدارس المالكية الأخرى
إعداد
أ. د. محمد حسين قنديل *
* رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة بجامعة الكويت، ولد سنة (1951م) بدسوق - مصر، حصل على الماجستير في الغفا المقارن من جامعة الأزهر عام (1983م) وكان عنوان رسالته: «تحقيق كتاب الذخيرة - كتاب الشركة - للقرافي»، وحصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها عام (1985م) وكان عنوان رسالته: «نظرية الشيوع في الملك في الفقه الإسلامي». له العد يد من الكتب والدراسات.
مقدمة
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين والمبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
‏وبعد
‏فإن الحديث عن المذهب المالكي: بين ملامح مدرسته الأولى، وخصائص المدرسة العراقية، يستدعي أولًا: بيان أهمية بغداد مركزًا للحركة العلمية، ودخول المذهب المالكي إليها، وانتشاره في العراق منها، فنقول: كانت بغداد عاصمة للخلافة العباسية فترة كبيرة، وتعد من أكبر البلاد الإسلامية التي نشطت فيها الحركة العلمية بكل أنواعها وفنونها.
‏كما كانت مركزًا عظيمًا للرحلة العلمية انطلاقًا منها، واتجاهًا إليها، لطلاب العلم والمناظرات، والبحث عن كل جديد من أنواع المعرفة.
‏وقد انتشر المذهب المالكي في بلاد العراق في حياة الإمام مالك - رحمه اهله تعالى - على يد أصحابه وتلاميذهم، ثم تطور الانتشار شيئًا فشيئًا، حتى أصبح في كل بلد مدرسة للمذهب المالكي.
‏وكان لكل مدرسة خصوصياتها التي تتميز بها عن غيرها، وقد تلتقي بعض المدارس ‏في ميزة من المميزات، وتفترق في البعض الآخر، ويمكن أن تلتقي جميع المدارس وتمتزج في مرحلة من المراحل، كما سيتضح في تفصيلات البحث.
‏وقد ركزت على إبراز خصائص المدرسة المالكية ببغداد، وأوضحت مواطن الالتقاء والافتراق بينها وبين المدارس المالكية الأخرى، وذلك من خلال عرض تأثير المدرسة المالكية العراقية في الدارس المالكية الأخرى وتأثرها بهم، وتفصيل ما سبق وفق الخطة التالية:
مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مطالب، وخاتمة، وقائمة بأهم المراجع.
1- المقدمة: وتتضمن أهمية البحث وخطته.
2‏- التمهد: وذكرت فيه لمحة تاريخية عن نشأة المدرسة المالكية في العراق.
3- المطلب الأ ول: في بيان السمات الأساسية للمدرسة المالكية ببغداد.
4‏- المطلب الثاني: في تأثير المدارس المالكية غير العراقية في مدرسة بغداد المالكية.
5- المطلب الثالث: تأثير المدرسة المالكية ببغداد في المدارس المالكية الأخرى.
6‏- الخاتمة: وتتضمن أهم نتائج البحث.
7- قائمة بأهم المراجع.
‏أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم والمسلمين آمين.
‏وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين.
‏إعداد
‏الأستاذ الدكتور/محمد حسين قنديل
أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة - جامعة الكويت

‏التمهيد
ويتضمن لمحة تاريخية عن نشأة المدرسة المالكية في العراق.
‏كان للإمام مالك تلاميذ كثيرون لازموه وأخذوا عليه العلم بجميع فروعه، فرووا عنه الحديث، وتفقهوا بمذهبه، والتزموا أحواله الاجتهادية.
‏ولما رجعوا إلى بلدانهم حملوا معهم ثروة علمية كبيرة، حملوا موطأ الإمام، وهو كتاب جمع فيه بين السنة النبوية ونقد مروياتها، وحملوا فقهه وأقواله وأصوله، وأخذوا ينشرون كل ذلك في بلدانهم وذلك بالتدريس والإفتاء ورواية السنة، وبعضهم تولى القضاء، فانتشر بذلك المذهب المالكي في شتى بلاد العالم الإسلامي: في مصر، وإفريقية والأندلس والعراق.
‏ففي مصر كان ابن القاسم( ) (ت 191هـ)، وأشهب( ) (ت 204هـ).
‏وفي إفريقية أسد بن الفرات( ) (ت 214هـ).
‏وفي الأندلس يحيى بن يحيى الليثي( ) (ت 224هـ).
‏وفي العراق انتشر المذهب المالكي عن طريق جماعة من أصحاب مالك منهم:
1- سليمان بن بلال( ) (ت 176هـ)، وهو أول من جلس إلى مالك عندما تحول الإمام عن مجلس ربيعة وتصدر للتدريس، وقد ولاه الرشيد قضاء بغداد.
2 ‏- عبد الرحمن بن مهدي( ) (ت 198هـ)، عبد الله بن مسلمة القعنبي( ) (321هـ)، سكنا البصرة.
3‏- محمد بن عمر الواقدي( ) (ت 207هـ) سكن بغداد وتولى القضاء بها للرشيد والأمون.
‏فعن هؤلاء العلماء بدأ انتشار المذهب المالكي في العراق وتفقه عليهم جماعة من كبار المالكية مثل:
1- أحمد بن المعدل بن غيلان بن الحكم( ) تفقه على مدنيين من أصحاب مالك.
2 ‏- محمد بن سلمة( ) (ت 216هـ).
3 ‏- عبد الملك بن الماجشون( ) (ت 213هـ)، كان أعلم أصحاب مالك بالعراق.
4‏- الحارث بن مسكين المصري( ) تفقه على كبار أصحاب مالك المصريين كابن القاسم وغيره.
‏5- أسرة ابن حماد: نسبة إلى حماد بن زيد( )، وأصلها من فارس تحولت إلى بغداد ‏وكانت قريبة من الخليفة المأمون، فساعد ذلك على انتشار المذهب المالكي في العراق.
‏وقد وصفهم القاضي عياض بأنهم أئمة هذا المذهب وأعلامه بالعراق، وهم الذين نشروه، ومنهم اقتبس، وتقلدوا ببغداد المظالم والفتيا والقضاء والتدريس.
‏وأشهر علماء هذه الأسرة هو القاضي إسماعيل بن حماد( ) (ت 282هـ)، صاحب ‏كتاب المبسوط الذي ذاع صيته بالعراق وخارجها، وتولى القضاء ببغداد مدة تزيد على ثلاثين سنة، وكان هو المؤسس الحقيقي لمدرسة المالكية ببغداد( )، ثم جاء من بعده إبراهيم ابن حماد ابن إسحاق( ) (ت 323هـ)، والقاضي أبو الفرج عمر بن محمد الليثي ‏البغدادي( ) (ت 321هـ ‏)، وهما من أساتذة أبي بكر الأبهري( ) (ت 375هـ‏) الذي بذل كل ما في وسعه لتدريس ونشر المذهب المالكي ومواصلة الطريق الذي ابتدأه العلماء السابقون له.
‏وكذلك فعل ابن الجلاب( ) (ت 378هـ)، وابن القصار( ) (ت 398هـ)، ‏والباقلاني( ) (ت 403هـ)، والقاضي عبد الوهاب البغدادي( ) (ت 422)، الذي تتلمذ ‏وأخذ المذهب عنهم، وكانوا جميعًا لهم الفضل في تثبيت وتأصيل أركان المذهب المالكي في العراق، كما ساهموا وغيرهم من علماء المالكية في الحجاز ومصر والمغرب وإفريقية والأندلس في نشر المذهب وتعزيزه بعلمهم ومؤلفاتهم حتى قيل: (لولا الشيخان والمحمدان والقاضيان لذهب المذهب المالكي، فالشيخان: ابن أبي زيد وأبو بكر الأبهري، والمحمدان: محمد بن سحنون ومحمد بن المواز، القاضيان: أبو محمد عبد الوهاب وأبو الحمن بن القصار البغداديان) ( ).
‏وفي بداية القرن الخامس الهجري وقع النزاع بين المذاهب الفقهية في العراق، وخاصة الشافعية الذين قويت شوكتهم عند الخليفة بواسطة رئييمهم أبي حامد الإسفراييني ‏(ت 406هـ)، واستطاعوا إزاحة المالكية من تقلد المناصب العامة( )، واضطر القاضي عبد الوهاب لترك بغداد والارتحال إلى مصر بسبب هذا العداء من الشافعية( ).
‏وبدأ المذهب المالكي يضعف في العراق، ولم يظهر بها إلا نادرًا بعد أن انتقلت الريادة ‏إلى الشافعية والحنابلة والحنفية( ).

ا‏لمطلب الأول
في
‏السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق
‏تعددت المدارس التي قامت من أجل المحافظة على المذهب المالكي ونشره في ربوع العالم الإسلامي، فكانت المدرسة المدنية، والمدرسة العراقية، والمدرسة المصرية، والمدرسة القيروانية، والمدرسة الأندلسية، وكان لكل مدرسة - في بداية عهد الانتشار- خصوصياتها المتمثلة في انفراد كل مدرسة برواياتها لبعض أقوال مالك وفتاواه دون بقية المدارس، وكذلك قيام رؤساء هذه المدارس من أصحاب مالك، وكذا كبار تلاميذهم بإصدار فتاوى مخالفة بعض أقوال مالك، والإفتاء في القضايا التي طرأت، ولم يكن عندهم لمالك قول فيها، ‏كانت اجتهاداتهم هذه قائمة على ما يعتقدونه متفقًا مع قواعد الاستنباط لإمام المذهب( ).
‏كل هذا ساعد في إيجاد خصوصيات لكل مدرسة، نفصل منها ما يخص المدرسة العراقية.
‏السمة الأولى:
‏امتاز علماء المذهب المالكي بالعراق عن غيرهم من المغاربة والمصريين بسعة الاطلاع على نتاج ومؤلفات وكتب المذاهب الأخرى، والاقتباس من طرقها وأساليبها، كما أنهم نشروا قواعد المذهب على غرار الأصوليين الأحناف والشافعية، ودرسوا المذهب المالكي دراسة مقارنة بالمذاهب الأخرى، ولهم في هذا فضل السبق والابتكار.
‏ويتضح هذا فيما خلفوه من تراث فقهي ممثلًا فيما تركه القاضي إسماعيل بن إسحاق (ت 282هـ) من مؤلفات متنوعة، وصفت بأنها أصول في فنونها( )، أي أنها مبتكرة لم يسبق إليها أحد بالتأليف في موضوعها.
‏ومن مؤلفاته: (الموطأ)، وكتاب (المبسوط في الفقه)، وكتاب (الأموال)، و(المغازي) وكتاب (الشفاعة)» وكتاب (الأصول)» وكتاب (الاحتجاج بالقرآن)، وكتاب ‏(الشفعة وما ورد فيها من آثار) وكتاب (أحكام القرآن) وكتبه في الرد على أبي حنيفة والشافعي، وغير ذلك كثير.
‏ويظهر لنا من هذا العرض معنى الابتكار، وهو أسلوب جديد في التأليف لدى مالكية العراق يعتمد على ذكر أدلة الأحكام الفقهية في المذهب المالكي من القرآن والسنة وإعمال النظر فيها، ويعتمد على مقارنة أقوال الإمام مالك وأصحابه ونقد أدلتهم والرد عليها.
‏ومن أشهر كتب القاضي إسماعيل كتاب (المبسوط)، الذي جمع فيه تراث المالكية الفقهي، وفي الوقت نفسه يمثل منهج العراقيين في التأليف الفقهي ومدونتهم الفقهية التي اعتمدوها فترة من الزمان قبل أن تبرز لديهم المصنفات المؤلفة في المذهب، كمختصرات ابن عبد الحكم( ) (ت 214هـ)، ومدونة سحنون( ) (240هـ)، ومن ثم يتحول (المبسوط) إلى واحد من أهم المراجع المعتمدة عند مالكية بغداد، ومالكية المدارس المالكية الأخرى وخاصة عندما تتفتح المدارس على بعضها ويطلع كل طرف على ما لدى الطرف الآخر من ‏معارف وتراث فقهي، فيأخذ منه ابن أبي زيد( ) (ت 386هـ) في كتابه (النوادر ‏والزيادات)، ويسير على منهجه نخبة من علماء المالكية الذين جاءوا بعده.
‏قال القاضي عياض مبينًا منهج القاضي إسماعيل وأثره في نصرة المذهب: (وهو أول من بسط قول مالك واحتج له وأظهره بالعراق).
‏ثم قال مبينًا تأثيره المنهجي على من بعده من المالكية: (وصنف في الاحتجاج له والشرح له ما صار لأهل هذا المذهب مثالًا يحتذونه وطريقًا يسلكونه) ( ).
‏ومما سبق يتضح لنا أن منهج التأليف الذي قام بتأسيسه القاضي إسماعيل يعتمد على ‏ما يلي:
1- مقارنة أقوال المالكية بأقوال علماء المذاهب الأخرى، ثم مناقشتها والرد عليها، وبذلك يظهر إسهامه في تأسيس وتطويرعلم الخلاف( ).
2‏- بيان الأصول والقواعد التي يعتمد عليها الفقه المالكي، والاستدلال على مشروعيتها، ونجدها في أقوال القاضي إصماعيل المنشورة في كتب الأصول المالكية والتي ألفت بعد رحيله ووصلت إلينا، كما في (إحكام الفصول في أحكام الأصول) للباجي.
3- الاستدلال لمسائل الفقه المالكي بمختلف الأدلة النقلية والعقلية.
‏وتأثر بهذا المنهج والتزم به نخبة كبيرة من علماء المالكية، منهم:
‏- أخوه حماد بن إسحاق( ) (ت 267هـ) الذي ألف كتبًا كثيرة، منها كتاب: (الرد ‏على الشافعي).
‏- وقاضي القضاة أبو عمر محمد بن يوسف( ) (ت 243هـ)، الذي تفقه بابن عم ‏أبيه القاضي إسماعيل بن إسحاق وشرح للناس كتبه في الحديث والفقه.
- ‏¬والقاضي أبو الحسن بن المنتاب البغدادي( )، من أصحاب القاضي إسماعيل، وتولى قضاء المدينة النورة، وله كتاب في مسائل الخلاف والحجة لمالك.
‏- وإبراهيم بن حماد( ) (ت 323هـ) تفقه على عمه إسماعيل بن إسحاق، وألف ‏كتاب: (اتفاق الحسن ومالك).
- ‏¬ومحمد بن كبير البغدادي( ) (ت 305هـ)، تفقه بإسماعيل القاضي، وله كتب كثيرة منها: (في أحكام القرآن)، (الرضاع)، (مسائل الخلاف) ( ).
‏- وقاضي القضاة أبو الحسن عمر بن يوسف( ) (ت 328هـ ‏)، تفقه على أبيه وكبار ‏أصحاب عمه إسماعيل القاضي، وله كتاب: (الرد على من أنكر إجماع أهل المدينة).
‏¬- وأبو بكر بن الجهم( ) (ت 329هـ) سمع إسماعيل القاضي وتفقه معه، احتج لمذهب مالك ورد على مخالفيهم، وكان له كتب منها: (الرد على محمد بن الحسن)، ‏(بيان السنة)، (مسائل الخلاف)، (شرح المختصر الصغير) لابن عبد الحكم.
‏- وأبو الفرج عمر بن محمد الليثي البغدادي( ): (ت 331هـ) تولى القضاء، وله ‏كتاب (الحاوي) في مذهب مالك، وكتاب (اللمع في أصول الفقه).
- وبكر بن العلاء القشيري( ) (ت 734هـ)، وهو من أهل البصرة، وانتقل إلى مصر، تفقه على كبار أصحاب القاضي إسماعيل، ويعد من كبار فقهاء المالكية، له كتب كثيرة منها: (الأحكام)، (الرد على المزني)، (الأشربة)، (أصول الفقه)، (مسائل الخلاف)، وغير ذلك كثير.
‏ومن خلال العرض السابق لهذه النخبة ومؤلفاتها التي تأثروا فيها بمنهج القاضي إسماعيل، نرى أن هذا المنهج أخذ يتطور ويتعمق ويبرز تميز المسالك الذي تمتاز به المدرسة المالكية ببغداد عن غيرها من المدارس المالكية الأخرى، في دراسة المذهب والاحتجاج له.
وأدى اهتمامهم بعلم الخلاف إلى التمرس في محاورة مخالفيهم والرد عليهم، ونقض آرائهم، ومناظرتهم.
‏كما أن اهتمامهم بأصول وقواعد المذهب دفعهم إلى التأليف في أصول الفقه المالكي، وانتصروا للأصول التى يختلفون فيها مع غيرهم من المذاهب، وسنوضح ذلك عند الحديث عن هذا باعتباره سمة خاصة بالمدرسة العراقية.
‏وقد أتاح تقلد بعضهم لمنصب القضاء فرصة لتطبيق آرائهم الفقهية والاجتهاد في القضايا المستحدثة والتي لا يوجد فيها رأي لمالك وأصحابه وذلك بإعمال قواعد المذهب وأصوله، أو تخريجها على أقوال الإمام.
‏وقد تطور منهج التأليف ووصل إلى أقصى مداه بعد ذلك على يد الطبقة الموالية والتي سيكون أعلامها أساتذة وشيوخًا للقاضي عبد الوهاب البغدادي، والذي سيكون هو أيضًا ‏متوجًا لها، ومن هؤلاء النخبة:
‏1- أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري( ) (ت 375هـ)، انتهت إليه الرئاسة في مذهب مالك، جمع بين القراءات وعلو الإسناد في الحديث والفقه، وكان أصحاب أبي حنيفة والشافعي يحتكمون إليه إذا اختلفوا في أقوال أئمتهم، وقد ذكر أنه جلس في جامع المنصور ستين سنة يدرس الناس ويفتيهم ويعلمهم السنة النبوية المطهرة، ومن مؤلفاته: في الحديث: كتابي (العوالي)، و(الأمالي)، وفي الفقه: (شرح المختصرين الكبير والصغير) لابن عبد الحكم، ويعتبر هذا الشرح من أهم الأعمال العلمية للمالكية بالعراق، وكان مدار الفقه عندهم على مختصري ابن عبد الحكم، وكتاب (مسلك الجلالة في مسند الرسالة)، وكتاب (إجماع أهل المدينة)، و(الرد على المزني)، و(الأصول).
2‏- أبو القاسم عبيد الله بن الجلاب( ) (ت 378هـ)، من أحفظ أصحاب الأبهري، ‏وله كتاب في (مسائل الخلاف) وكتاب (التفريع).
‏3‏- القاضي أبو الحسن علي بن عمر بن القصار( ) (ت 398‏هـ) من كبار أصحاب ‏الأبهري، تولى قضاء بغداده وكان أصوليًا نظارًا، له كتاب (عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار)، وقد نال ثناء كبيرًا من العلماء حتى إن بعضهم قال( ): (ما ترك صاحبكم لقائل ما يقول)، وقد اختصره القاضي عبد الوهاب البغدادي، وسماه: (عيون المجالس) ( )، ويدل كتاب (عيون الأدلة) على المستوى الرفيع الذي وصل إليه علماء المالكية في ذلك الوقت في الاحتجاج لمذهبهم، سواء في الفقه أو في الأصول بإيراد الأدلة على كل آرائهم ومناقشة مختلف المذاهب الأخرى في آرائهم وأدلتهم، وما ذلك إلا لأنهم توسعوا في علم الخلاف، واطلعوا على أقوال المخالفين ومداركهم، وتناولوها بالنقد والتمحيص، حتى وقفوا على مكامن الضعف فيها من وجهة نظر المالكية، وتسنى لهم بذلك الاعتراض عليها وتضعيفها.
4‏- القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني( ) (ت 403هـ)، وهو من كبار أصحاب الأبهري، وكان إمام العلماء في أصول الدين، وأصول الفقه، من شيوخ القاضي عبد الوهاب البغدادي، وله مؤلفات كثيرة ومتنوعة، في علم الكلام وعلم أصول الفقه، وعلم الجدل، ومن مؤلفاته في غير علم الكلام: (المقنع في أصول الفقه)» و(التقريب والإرشاد في أصول الفقه)، و(أمالي إجماع أهل المدينة)، و(شرح أدب الجدل) وغير ذلك ‏كثير.
5‏- القاضي أبو محمد عبد الوهاب البغدادي العراقي المالكي( ) ولد ببغداد سنة اثنتين وستين وثلاثماثة هجرية( )، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (422هـ) ( )، وله كتب كثيرة في أكثر من فن، ولكنه برز وتفوق في تأليف الأصول والفقه المذهبي والخلاف، ومن مؤلفاته: كتاب (التلقين)، وكتاب (المعين)، وكتاب (شرح المدونة)، وكتاب ‏(الممهد)، وكتاب (شرح رسالة ابن أبي زيد)، وكتاب (المعونة)، وكتاب (الإشراف على مسائل الخلاف)، وكتاب (شرح فصول الأحكام)، وكتاب (التلخيص في أصوار الفقه)، وكتاب (المفاخرة) وغير ذلك كثير.
‏ولقد كان أحد أركان المذهب المالكي، ومن الذين أسسوا المذهب وأصلوا له، فهو أحد أئمة المالكية مصنفيهم، وإليه انتهت رئاسة المذهب( )، وكان بذلك شيخ المالكية في ‏عصره وعالمهم( ).
‏وقال القاضي عياض( ) (ت 544هـ) - رحمه الله - عنه: (وألف في المذهب والخلاف ‏والأصول تواليف بديعة مفيدة) ( )، وإليه يرجع فضل انتشار المذهب المالكي في مصر ثانية - بعد أن درس( ).
‏ويظهر مما سبق أن شيوخ القاضي عبد الوهاب كان لهم فضل كبير في منهج التأليف الابتكار في شتى أنواع الفنون.
‏وقد كان القاضي عبد الوهاب بحق من أوائل من ألف في فني النظائر والفروق، وفي وضع القواعد الأصولية والفقهية.
‏يدل على ذلك ما وصل إلينا من كتبه في شتى أنواع الفنون.
‏كل ما سبق يبرز تميز المدرسة المالكية في العراق. ويدل على المدى الذي وصلت إليه في الاحتجاج لآراء المذهب بالأدلة النقلية والعقلية، ومناظرة علماء المذاهب الأخرى، والرد عليهم، ونقض مؤلفاتهم، مما يدل على أن هذه الحركة بلغت ذروتها في عهد القاضي عبد الوهاب، واستمرت بعد ذلك.
‏السمة الثانية:
‏ومن السمات الأساسية أيضًا ازدهار فن القواعد الفقهية في العراق على أيدي فقهاء الأحناف والشافعية والمالكية.
‏ويظهر ذلك خاصة من خلال المؤلفات الكثيرة للقاضي عبد الوهاب، والتي نثرت فيها القواعد التي يدور عليها الفقه، وتندرج تحتها جميع مسائله وخاصة كتابيه: (المعونة) و(الإشراف) وقد قام محقق كتاب المعونة بحصر القواعد الأصولية والفقهية التي أوردها القاضي عبد الوهاب فيه (1/81- 89).
ولم يعتن المغاربة والمصريون من المالكية بهذا الفن إلا بعد عصر القاضي ‏عبد الوهاب( ).
‏السمة الثالثة:
‏تميزت المدرسة المالكية بالعراق على غيرها بأنه قد تأسس على أيديهم علم أصول الفقه المالكي، فألفوا فيه، وانتصروا للأصول التي يختلفون فيها مع غيرهم من المذاهب.
‏وقد بدأ الاهتمام بالأصول مع بداية نشأة المذهب في المدينة، فقد كان للإمام مالك ‏اهتمام جزئي بتدوين أصول مذهبه، ويظهر هذا من خلال بعض القواعد التي سجلها في موطئه، قال ابن العربي: (إذ بناه مالك -رضي الله عنه - على تمهيد الأصول للفروع، ونبه فيه ‏على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعه) ( ).
‏وقال الشيخ أبو زهرة( ): إن مالكًا لم ينص على أصوله نصًا صريحًا واضحًا متصل ‏الأجزاء، كما فعل تلميذه الشافعي، إذ دون أصول الاستنباط التي قيد نفسه بها، ولكن مع ذلك يستطيع القارىء المتتبع باستقراء المرطأ أن يعرف أصول مالك التي كان يجتهد في دائرتها، وعلى الطر ائق التي حدها له لا يعدوها).
‏وهذا يؤكد على أن قواعد أصول المذهب المالكي ليست كلها مستنبطة ومخرجة من ‏فتاوى الإمام مالك، بل كانت هناك قواعد وأصول للإمام يجتهد في دائرتها، وقد دلت على ذلك أيضًا كتب أصول المذهب، منها: (المقدمة في الأصول) لأبي الوليد الباجي (ت 474هـ).
‏ولم يلق هذا العلم قدرًا كبيرًا من الاهتمام الذي يليق بقيمته وأهميته العلمية، حتى اتجه إليه علماء المدرسة المالكية ببغداد واهتموا بتأصيل الأصول وتقعيد القواعد وقد برز هذا الاهتمام جليًا بداية من القاضي إسماعيل بن إسحاق (ت 282هـ)، الذي ألف كتاب (الأصول)، ومرورًا بالشيخ الأبهري وأصحابه، وانتهاء بالقاضي عبد الوهاب، وقد سبقت الإشارة إلى المؤلفات الأصولية التي دونها علماء المالكية ببغداد، بداية من عهد القاضي إسماعيل، ما يدل على تخصصهم في هذا العلم وانشغالهم بالتدوين فيه.
وأما القاضي عبد الوهاب فقد ألف كثيرًا في علم أصول الفقه، وأهم مؤلفاته الأصولية هي: كتاب (الملخص)، وكتاب (الإفادة)، و(المقدمات في أصول الفقه)، و(المفاخر)، ‏و (المروزي في الأصول).
‏وقد كان منهجهم في تأليف كتب الأصول قائمًا على دراسة فتاوى الإمام مالك وأقواله، والبحث عن أدلتها ومصادرها التي يظن أنها استقيت منها، ثم مقارنتها وتنظيرها، ثم استخلاص قاعدة عامة يقع تقريرها بأنها أصل من أصول المذهب المعتبرة في اجتهاد الإمام.
‏ويفيد هذا المنهج في استكشاف القواعد الأصولية التي لم ينص عليها الإمام أو لم يشمر إليها، وأما ما وجد له تصريح منه أو إشارة، فإن استنباطها عن طريق هذا التتبع والاستقراء يكون لها تأكيد على تطبيق الإمام لها، ويصحح النقل عنه بقوله بها.
‏ثم يقومون بالاحتجاج لكل هذه القواعد، وبيان مشروعية العمل بها، بما يقفون عليه من الأدلة النقلية والعقلية( ).
‏وقد كان لعلماء المالكية من المدارس غير البغدادية اهتمام بأصول الفقه كأشهب الذي ‏كان يتكلم بأصول العلم، ويفسر ويحتج( )، وأصبغ ابن الفرج( ) (ت 225هـ)، الذي كان يتكلم في أصول الفقه، وله كتاب (الأصول)، إلا أن هذا الاهتمام كان محدودًا ولم ‏يتواصل، ولم يتطور.
‏وقد كان بين الحين والحين يظهر اهتمام وانشغال بعض العلماء بعلم الأصول ‏والتخصص فيه، ويرجع الفضل في ذلك إلى تأثرهم بالمدرسة البغدادية واتصالهم بعلمائها وأخذهم عنهم علم الأ صول، كعبد الله بن العاص السعدي القرطبي( ) (ت 330هـ)، الذي وصف بكونه نظارًا، له كتاب (الدلائل والإعلام على أصول الأحكام)، وكتاب (الرد على ‏من أنكر على مالك ترك العمل بما رواه)، وقدم إلى بغداد وسمع من علمائها (ابن الجهم، وأبي الفرج، وأبي يعقوب الرازي).
‏ومما يؤكد تفوق المالكية ببغداد في علم الأصول، ما جاء أن أبا عمران الفاسي القيرواني كان إمامًا في كل علم، نافذًا في علم الأصول، مقطوعًا بفضله وإمامته( )، وأنه قال: (رحلت إلى بغداد، وكنت قد تفقهت بالمغرب والأندلس، عند أبي الحسن القابسي، وأبي محمد الأصيلي» وكانا عالمين بالأصول، فلما حضرت مجلس القاضي أبي بكر الباقلاني ورأيت كلامه في الأصول والفقه، مع المؤالف والمخالف، حقرت نفسي وقلت: لا أعلم من العلم شيئًا، ورجعت عنده كالمبتدئ) ( ).
‏السمة الرابعة:
‏ومن مميزات المدرسة المالكية ببغداد على غيرها من المدارس المالكية الأخرى أن علماءها استطاعوا أن يجمعوا بين الأثر والنظر في دراسة المذهب والتأليف فيه والاحتجاج له.
‏وقد تأتى لهم ذلك من النبوغ في علمي الجدل والخلاف، ودخولهم ميدان المناظرة مع المذاهب الأخرى بأسلحة عقلية مستندين في ذلك إلى الأدلة النقلية( )، ويتضح ذلك من خلال مؤلفاتهم في (علم الخلاف)، والذي سبقت الإشارة إليه في السمة الأولى للمدرسة العراقية.
‏ويتأكد هذا التفوق ويبرز حينما نقارن بين منهج المدرسة المالكية ببغداد، مع غيرها ‏من المدارس المالكية الأخرى في منهجهم الدراسي للفقه المالكي.
‏فغير البغداديين اهتموا بالاستدلال والتعليل، وتحليل النصوص الدينية، وتوجيهها، وإقامة الأقيسة العقلية.
‏وقد تحدث المقرى (ت 758هـ) عن الطريقتين، فقال:
‏عن المدرسة البغدادية( ): (أهل العراق جعلوا في مصطلحهم مسائل المدونة كالأساس، وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح ‏الروايات، ومناقشة الألفاظ، ورأيهم القصد إلى إفراد المسائل وتحرير الدلائل، على رسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين).
‏وقال عن المدارس المالكية الاخرى ممثلة في مدرسة القيروان، واطلق عليهم الاصطلاحيين: (أما الاصطلاح القروي، فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأ بواب، وتصحيح الروايات، وبيان وجوه الاحتمالات والتنبيه على ما في الكلام من اضطراب الجواب، واختلاف المقالات، مع ما أضيف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف على حسب ما وقع في السماع، وافق ذلك عوامل الإعراب أو خالفها.
‏وقد برز بعض علماء المدارس المالكية - غير البغدادية - في الاحتجاج للمذهب ونصرته والاستدلال لمسائله ووضح المؤلفات فيه، واستعملوا الأدلة العقلية في الاحتجاج، وملكوا أساليب الجدل والمناظرة.
‏ويرجع الفضل في ذلك لاتصالهم ببغداد وتأثرهم بالمنهج السائد فيها:
‏ومن هؤلاء: الحافظ عبد الله الأصيلي الأندلسي( ) (ت 392هـ)، الذي وصف بأنه ‏كان عالمًا بالكلام والنظر، والقيام بمذهب مالك والجدل فيه على أصول البغداديين، وله كتاب (الدلائل)، وله رحلة إلى بغداد أخذ فيها عن الأبهري (ت 375هـ).
المطلب الثاني
في
تأثر المدرسة المالكية العراقية بثقافة المدارس المالكية الأخرى
‏ظهر تأثر المدرسة المالكية العراقية بثقافة المدارس المالكية الأخرى في جانبين:
الجانب الأول:
‏كان أصحاب مالك علماء في الحديث ورواة له، كما كانوا فقهاء، فقد أخذوا عن إمام المذهب ما كان مختصًا به، وهو الجمع بين إمامتي الفقه والحديث، وظل هذا المنهج متواصلًا عبر طبقات فقهاء المذهب بالمدرسة البغدادية وسائر المدارس المالكية الأخرى، حتى أثمر ثمرته في القاضي عبد الوهاب ومؤلفاته» وكذلك من بعده تلاميذه.
‏وقد تأثر تلاميذ أصحاب مالك الذين قاموا بنشر المذهب المالكي بالعراق بالمدرسة المدنية أكثر من غيرها، لأنهم في رحلاتهم العلمية اتصلوا بأصحاب مالك بالمدينة المنورة، وأخذوا عنهم فتاواهم ورواياتهم، ورجعوا إلى بلادهم يحملون ثروة علمية مدنية لم يكونوا يعرفونها من قبل، ولم يكن أصحاب مالك الذين استوطنوا العراق أيضًا يعرفونها
‏ومن التلاميذ البغداديين الذين تأثروا بالمدارس الأخرى:
1- أحمد بن المعزل، تفقه على مدنيين من أصحاب مالك.
2- ‏الحارث بن مسكين المصري (ت 250هـ‏)، تفقه على كبار أصحاب مالك المصريين كابن القاسم (ت 191هـ)، وابن وهب (ت 262هـ)، وأشهب (ت 204هـ).
3- ‏يعقوب بن شيبة (ت 262‏هـ) أحد أئمة المسلمين وأعلام الحديث المسندين، ‏أخذ عن ابن المعزل، والحارث بن مسكين، واتصل بأصبغ ابن الفرج المصري (ت 225هـ) تلميذ ابن القاسم، واشهب، وابن وهب وأخذ عنه.
‏وعن طريق الحارث بن مسكين المصري، ويعقوب بن شيبة اتصل البغداديون بالمدرسة المصرية، واطلعوا من خلالها على أقوال كبار أصحاب مالك فيها.
‏وهذا لا يعني أن فقهاء المدرسة المالكية ببغداد قطعوا الاتصال بالمدرسة المدنية، أو قل اتصالهم بها، وإنما كانوا محافظين عليه وملتزمين به.
‏4- ‏إسماعيل بن إسحاق (ت 282هـ)، أخذ عن جماعة كبيرة من تلاميذ الأصحاب المدنيين، وهو أول من بسط قول مالك واحتج له وأظهره بالعراق كما قال القاضي عياض( ).
وله مؤلفات كثيرة ومتنوعة سبق بيانها، أهمها كتاب (المبسوط) أشهر كتبه، جمع فيه معارفه الفقهية المالكية، وهو يمثل منهج البغداديين في التأليف الفقهي، ومدونتهم الفقهية التي اعتمدوها قبل أن تبرز لديهم قيمة مختصرات ابن عبد الحكم( ) ‏(ت 214هـ)، ومدونة سحنون( ) (ت 240هـ).
‏ومن ثم يتحول المبسوط إلى واحد من المراجع المعتمدة لدى مالكية بغداده كما يتحول أيضًا إلى مرجع أساسي من مراجع المدارس الفقهية المالكية الأخرى، وذلك عندما تنفتح المدارس على بعضها، ويطلع علماؤها على الإنتاج العلمي لبعضهم.
‏وعلى يد إسماعيل القاضي تتلمذ عدد كبير من أسرة بني حماد وغيرهم، وقد سبقت الإشارة إليهم، ونذكر أهم من تأثر بتأليف المدارس المالكية الأخرى:
- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سهل البريكاني( ) (ت 319هـ)، الذي قام ‏بتأصيل مسائل مختصر ابن عبد الحكم.
‏وأبو بكر بن الجهم( ) (ت 329‏هـ) الذي كان له كتاب (شرح المختصر الصغير) لابن عبد الحكم.
‏- وأبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري( ) (ت 375) وله كتاب: ‏(شرح المخصرين الكبير والصغير) لابن عبد الحكم.
‏ويعتبر هذان الشرحان من أهم الأعمال العلمية للمالكية بالعراق، فقد كان مدار الفقه عندهم على مختصري ابن عبد الحكم، وكتاب (مسلك الجلالة في مسند الرسالة)، ‏والرسالة هي لابن أبي زيد القيرواني (ت 386‏هـ)، وقد تتبع الشيخ الأبهري جميع مسائلها التي تبلغ أربعة آلاف مسألة، فرفع لفظها ومعناها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى أصحابه، رضوان الله عليهم( ).
‏مما سبق يتضح لنا أن أول وأهم ما تأثر به البغداديون من الكتب التي دونها أعلام المدارس المالكية الأخرى هما: المختصران الكبير والصغير لعبد الله بن عبد الحكم المصري، والذي سجل فيهما ما سمعه من شيخه مالك بن أنس، ومن كبار أصحابه الذين تفقه بهم، كابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، وانتهت إليه رئاسة المالكية بمصر، وهو من أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله، وقد بلغت مسائل المختصر الكبير ثمانية عشر ألف مسألة، والمختصر الصغير ألف ومائتي مسألة.
‏قال ابن ناجي مبرزًا قيمة مختصرات ابن عبد الحكم( ): (إن أهل بغداد اعتنوا ‏بمختصر ابن عبد الحكم أكثر من غيره، فهم إذا وجدوا في المسألة قولين لمن ذكر، قدموا قول ابن عبد الحكم، ولكثرة اعتناء القرويين بابن القاسم جروا على العكس).
‏وظل الاعتماد على روايات ابن عبد الحكم وأقواله حتى جاءت الأسدية أولًا، ثم المدونة، أخذت مكانًا بارزًا من اهتمام البغداديين وزاحمت مختصرات ابن عبد الحكم.
‏ويدل على هذا قول الأبهري( ): (قرأت مختصر ابن عبد الحكم خمسائة مرة، ‏والأسدية خمسًا وسبعين مرة، والموطأ خمسًا وأربعين مرة، وقرأت المبسوط ثلاثين مرة).
‏وقد أخذت المدونة بعد ذلك مكان الصدارة، وتقدمت على غيرها، وأصبحت هي الراجحة على غيرها، وكان القائم على هذا الترجيح هو القاضي عبد الوهاب البغدادي، مخالفًا بذلك ما كان عليه شيوخه، وترتب على هذا التغيير التقاء المدرسة البغدادية مع المدارس المالكية الأخرى: (المصرية، والإفريقية، الأندلسية) في اعتماد ابن القاسم مرجعًا أساسيًا لأقوال مالك، وكان دافع القاضي عبد الوهاب إلي ذلك أنه رأى انفراد ابن القاسم بمالك وطول صحبته له، وأنه لم يخلط به غيره إلا في شيء يسير، خلافًا لغيره من تلاميذ مالك، حيث انشغلوا معه بغيره( ).
‏وقد وصلت بقية الدواوين والكتب إلى البغداديين مجمعة في مدونة واحدة واطلعوا ‏عليها في عهد الشيخ الأبهري.
‏وقد قام بهذا العمل الكبير عبد الله بن أبي زيد القيرواني، الملقب بمالك الصغير، ‏وقطب المذهب، وذلك في كتاب (النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من ‏الأمهات).
‏ويضم هذا الكتاب جميع ما دون وكتب في أقوال مالك وأقوال أصحابه وأقوال ‏تلاميذهم إلى عهد ابن أبي زيد القيرواني عدا مدونة سحنون قال ابن خلدون( ):
‏(جمع ابن أبي زيد جميع ما في المذهب من المسائل والخلاف والأقوال في كتاب (النوادر)، فاشتمل على جميع أقوال المذهب وفروع الأمهات كلها في هذا الكتاب).
‏كما ذكر في النوادر أقوال معاصريه من علماء المذهب بروايته عنهم، أو بكتابتهم بها ‏إليه، أبي بكر الأبهري، وأبي بكر بن الجهم، وابن القرطبي( ) (ت 535هـ) وغيرهم.
فالنوادر بحق يعتبر موسوعة في الفقه المقارن داخل المذهب المالكي حتى عصر ابن أبي زيد. ولابن أبي زيد كتب كثيرة وهامة سبقت الإشارة إليها أهمها: كتاب (مختصر المدونة)، وكتاب (الرسالة).
‏وقد ذاعت شهرتها، وأقبل عليها علماء المدارس المالكية بما فيهم مالكية العراق، وألحوا ‏في طلبها، وكاتبوا مؤلفها يلتمسون منه توجيهها إليهم وإجازتهم بها.
‏وقد ذكر القاضي عياض أن محمد بن مجاهد وجه كتابًا إليه يطلب منه فيه أن ‏يتفضل بيإنفاذ (المختصر) و(النوادر) إليه، وإجازتهما له ولغيره من أصحابه الذين يتطلعون إلى هذين الكتابين، فرد له الشيخ ابن أبي زيد أنه سوف يوجه إليه وإلى الشيخ الأبهري الكتابين المذكورين( ).
‏وقد ترجم البغداديون إعجابهم وتقديرهم لابن أبي زيد ونتاجه العلمي، وذللن بأن قام أبو بكر الأبهري إمام المالكية بالعراق بشرح كتاب الرسالة، وسمى هذا العمل بـ(مسلك الجلالة في مسند الرسالة) ( )، وأول نسخة بيعت من الرسالة ببغداد في حلقة الأبهري بعشرين دينارًا ذهبًا( ).
‏كما قام القاضي عبد الوهاب البغدادي بشرح (الرسالة)، ويعتبر القاضي أول من قام بشرحها بإسهاب واطناب( )، وشرح أيضًا (المختصر) ومساه (الممهد في شرح مختصر أبي محمد) وكتب نصفه ولم يتمه( ).
‏الجانب الثاني:
‏وقد ظهر تأثير المدارس المالكية في المدرسة البغدادية أيضًا حينما تكلمنا سابقًا عن الترجيح بين أقوال مالك المختلفة، وقلنا: إن الإمام مالكًا قد جمع بين إمامتي الفقه والحديث، وأن تلاميذه اختلفوا في تأثرهم بهما.
‏فبعضهم تأثر بالجانب الفقهي، وكان تأثره بالحديث ضعيفًا، وبعضهم تأثر بالحديث وضعف تأثره بالفقه، والبعض الآخر كان جامعًا بين التخصصين مثل إمامه.
‏ومن المعلوم أيضًا أن الإمام مالكًا جمع في اجتهاده في مجال السنة بين الرواية والتفقه فيها، أي بين النظر والأثر، الأمر الذي جعله يقدم العمل، وأقوال الصحابة وآثار التابعين، وربما القياس أيضًا، ويعتمد ذلك في تفسير الحديث، وبيان محامله، ويقدمه عليه( ).
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور مبينًا منهج مالك في الترجيح( ): (كان بعد صحة سند الأثر يعرضه على عمل علماء المدينة من الصحابة والتابعين، وعلى قواعد الشريعة وعلى القياس الجلي، فكان لا يعمل بخبر الواحد إذا خالف واحدًا من هذه الثلاثة، كما قال برد حديث خيار المجلس إذا حمل على ظاهر لفظه).
وقد اختل هذا المنهج في فهم السنة النبوية المطهرة من قبل بعض أصحاب مالك وخاصة المدنيين، وذلك بالعمل بالحديث دون النظر إلى أقوال الصحابة والتابعين من علماء المدينة، وقواعد الشريعة والقياس الجلي كما كان يفعل إمامهم.
‏وكان على رأس هؤلاء عالمان جليلان عرفا بالأخوين - لكثرة اتفاقهما - وهما عبد الملك بن الماجشون، ومطرف بن عبد الله.
‏وقد ظهر هذا الخلل أيضًا لدى بعض أصحاب المدارس الأخرى كابن وهب في المدرسة المصرية.
‏ومع هذا ظلت المدرسة المدنية تقدم منهج إمامها الإمام مالك للطبقة الثانية من رجال بقية المدارس الذين اتصلوا بها ونهلوا من علمها كعبد الملك بن حبيب صاحب كتاب (الواضحة)، وأبي زيد عبد الرحمن بن إبراهيم (ت 258هـ) من الأندلس، والذي ألف كتاب (الثمانية) وجمع فيه أجوبة شيوخه المدنيين كابن الماجشون، ومطرف، وابن كنانة وتراثهم( ).
‏وحماد بن يحيى السجلماسي من القيروان، والذي قال فيه القاضي عياض( ): (هو ‏أول من قدم بفقهه ابن الماجشون القيروان).
‏واستمر التواصل بين مدرسة بغداد ومدرسة المدينة وذلك من خلال الرحلات المستمرة والتي كان هدفها الاطلاع والتزود من فقه الإمام ومنهجه بالمدينة المنورة، ونادرًا ما كانت الرحلات تتجه نحو مصر، أو القير وان، أو الأندلس.
‏وقد حافظت المدارس الثلاث: المصرية، والقيروانية والأندلسية، على التوازن في فهم السنة النبوية وكان السبب في ذلك ابن القاسم زعيم المدرسة المصرية، الذي أثر في المدرسة القيروانية، والأندلسية من خلال مدونة سحنون، ومن خلال رحلات علمائها إلى مصر للتفقه.
‏وبمرور الوقت بدأ تأثير المنهج المدني في المدرسة البغدادية يتراجع، وذلك حينما تلاقت المدارس الفقهية وتبادلوا الرحلات والمؤلفات، التي مكنتهم من استعمال منهج ‏المقارنة بين أقوال الإمام الوقوف على حقيقة مذهبه ومن يمثله أحسن تمثيل، حتى انتهي الأمر إلى تقديم ابن القاسم على غيره، بتقديم المدونة على غيرها في عهد القاضي عبد الوهاب، كما سبق.
‏وبذلك تلاقت المدرسة العراقية بالمصرية والقيروا نية، والأندلسية في العمل بمنهج واحد في ترجيح الأقوال.

‏المطلب الثالث
في
تأثير المدرسة البغدادية في غيرها
كانت بغداد عاصمة الخلافة العباسية مركزًا للحركة العلمية، ونشطت فيها جميع التيارات العلمية بكل أنواعها، واتخذت كل طائفة من بغداد موطنًا لها؛ لتثبت من خلاله وجودها، ولتقوم فيه بالدعاية لنفسها وتعرض فيه بضاعتها وتناظر غيرها.
‏كما كانت بغداد مركزًا عظيمًا للرحلة العلمية انطلاقًا منها، واتجاهًا إليها لطلاب العلم والمناظرات، والبحث عن كل جديد من أنواع المعرفة، وظل هذا حالها منذ تأسيسها، واستمر إلى عصر القاضي عبد الوهاب، والى ما بعد ذلك.
‏ولم يكن اتصال علماء المالكية المصريين والقرويين والأندلسيين والفاسيين ببغداد ‏واستفادتهم منها بقدر ما استفاد منهم البغداديون.
‏ولم يحدث التفاعل والامتزاج وتحقق الاستفادة من الحركة العلمية النشطة ببغداد إلا ‏حينما تكشفت الرحلات العلمية لعلماء المدارس المالكية إلى بغداد، ووقع الاتصال بعلمائها وخاصة بالشيخ الأبهري (ت 375هـ) وتلاميذه من بعده، وأهمهم القاضي عبد الوهاب البغدادي (ت 422هـ).
‏وأشهر من قام بنقل المنهج البغدادي إلى المدارس المالكية الأخرى هو الباجي( ) (ت 474هـ)، الذي عاد إلى الأندلس بعد رحلته إلى بغداد وتحصيله المنهج البغدادي المالكي وغير المالكي من الدراسات الشرعية عمومًا والأصولية خصوصًا.
‏وقد مكنه تسليحه بالمنهج البغدادي من التصدي لابن حزم الظاهري ومناظرته، ودفع هجومه على المذهب المالكي ورد ما قاله بشأنه، ولولا الإمام الباجي لكان للمذهب المالكي في الأندلس شأن آخر، وقد أثنى ابن العربي على الإمام الباجي فقال( ): (لم يأت قبلي إلى الأندلس بمثل ما أتيت به من علم المشرق إلا أبو الوليد الباجي).
‏وقد اشتهرت مؤلفات المالكية ببغداد وذاع صيتها، وسعى علماء المدارس المالكية الأخرى للحصول عليها واقتنائها، ومنها كتب القاضي عبد الوهاب والتي أحدثت تغييرًا في اتجاه المدرسة البغدادية حول منهج ترجيح المدونة لتلتقي مع المدارس المالكية الأخرى.
‏وقد وصلت مؤلفات القاضي عبد الوهاب لعلماء المدارس المالكية عن طريق ‏تلاميذهم، أو تلاميذ تلاميذهم، وكانت لهم إجازات بهذه الكتب تتصل بأسانياها التي تلقوا بها كتب البغداديين في فهارسهم( )، ومن هؤلاء:
1- عبد الحق بن عطية الأندلسي (ت 541هـ)، له إجازة بكتاب (التلقين) وبقية كتب القاضي عبد الوهاب ورواياته.
2‏- القاضي عياض السبتي (ت 544هـ)، يذكر في (الغنية) أنه سمع تصانيف القاضى عبد الوهاب ورواياته عن ابن عتاب عن ابن الشماخ عن مؤلفها( ).
3 ‏- الشيخ أبو بكر محمد بن خير الإشبيلي، له أسانيد ببعض كتب القاضي عبد الوهاب منها: كتاب (شرح الرسالة)» وكتاب (الإشراف)، وكتاب (المعونة)، وغيرها( ).
4‏- أبو العباس أحمد الغبريني (ت 704هـ) من أهل بجاية، وأبو عبد الله محمد المجاري الأندلسي (ت 862هـ) لكل منهما سند بكتاب (التلقين) ( ).
‏ومما سبق يتضح لنا مدى أهمية المدرسة المالكية ببغداد ومؤلفاتها بالنسبة للمدارس المالكية الأخرى، وأن هناك علاقة وطيدة نشأت بين أعلام المدارس المالكية، أدت في النهاية إلى ازدهار وانتشار المذهب المالكي وبقائه.
نتائج البحث
‏بعد استعراض هذه الدراسة المتعلقة بخصائص المدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء الافتراق بينها وبين المدارس المالكية الأخرى، نستطيع أن نستخلص النتائج الآتية:
1- كانت بغداد عاصمة الدولة العباسية عاصمة علمية، ومركزًا عظيمًا للرحلات ‏العلمية انطلاقًا منها واتجاهًا إليها، يفد إليها طلاب العلم والمناظرات، وظل هذا حالها منذ تأسيسها وحتى عصر القاضي عبد الوهاب، والى ما بعد ذلك.
2‏- دخل المذهب المالكي العراق في حياة الإمام مالك على يد أصحاب الإمام وتلاميذهم، ثم تحول إلى مدرسة لها خصوصيتها في نشر المذهب والدفاع عنه من خلال المؤلفات والمنهج الذي تميزت بهما على بقية المدارس.
3 ‏- تميز أصحاب الإمام وتلاميذهم بما كان يتميزبه إمامهم، وهو الجمع بين إمامتي الفقه والحديث، وظهر ذلك في مؤلفات المالكية ومنهجهم، وظل هذا متوارثًا عبر طبقات فقهام المذهب بالمدرسة البغدادية وغيرها مع بعض التفاوت في درجة الجمع بين الفقه والحديث، إلى أن نجده متمثلًا في القاضي عبد الوهاب ومؤلفاته.
4- تأثر تلاميذ الأصحاب الذين قاموا بنشر المذهب المالكي بالعراق بمنهج المدرسة المدنية، وذلك من خلال رحلاتهم العلمية إليها والالتقاء بأصحاب مالك وأخذهم عنهم أقوال مالك ورواياته للحديث، كما أخذوا عنهم فتاواهم ورواياتهم، ثم رجعوا إلى بلادهم يحملون ثروة علمية مدنية لم يكونوا يعرفونها من قبل، وظلوا محافظين عليها، وملتزمين بها.
5‏- كتاب (المبسوط) من أشهركتب القاضي إسماعيل، وهو يمثل منهج البغداديين المتميز في التأليف الفقهي، ومدونتهم الفقهية التي ظلت مرجعًا أساسيًا ومعتمدًا فترة من الزمن، ثم يتحول أيضًا إلى مرجع أساسي من مراجع المدارس الفقهية المالكية الأخرى، وذلك عندما يتم تبادل النتاج العلمي بين المدارس، وتنفتح على بعضها، فيقتبس منه ابن أبي زيد، وأبو الوليد الباجي في مؤلفاتهم.
6‏- تفوق علماء المدرسة المالكية بالعراق في الجمع بين الأساليب النقلية والعقلية للاستدلال على مذهبهم، والرد على المذاهب الأخرى، وقد مكنهم من ذلك نبوغهم في علمي الجدل والخلاف.
7‏- كان تبادل الدواوين والكتب بين المدارس الفقهية المالكية يتم عن طريق الرحلات ‏والاتصالات التي كان يقوم بها علماؤها، ويتولون خلالها التعريف بمؤلفات مدارسهم والرواية لها، والإجازة بها، الأمرالذي أدى إلى التلاقح بين المدارس وتأثير بعضها في بعض.
8‏- تلاقت المدارس المالكية وامتزجت فيما بينها، من خلال المؤلفات التي مكنتهم من مقارنة الأقوال الواردة عن إمام المذهب ورواياته، والوقوف على حقيقة مذهبه، وعلى حقيقة من يمثله أحسن تمثيل، حتى انتهى الأمر إلى تقديم المدونة برواية ابن القاسم على غيرها - في عهد القاضي عبد الوهاب - وبذلك لحقت المدرسة العراقية بالمصرية، والقيروانية، ‏والأندلسية في العمل بمنهج واحد في ترجيح الأقوال.
9‏- تميزت المدرسة المالكية ببغداد وتفوقت في التأليف في علم أصول الفقه وتقعيد ‏قواعده، وقد ساعدهم على ذلك البيئة الفكرية السائدة في بغداد، والتي تقوم على الرأي وإعمال العقل، والتمرس على الأقيسة بكل أنواعها، وقد برز هذا التفوق بداية من القاضي إسماعيل، ومرورًا بالشيخ الأبهري وأصحابه» وانتهاء بالقاضي عبد الوهاب.
10- تميزت المدرسة المالكية ببغداد أيضًا بتطبيق قواعد الأصول في الاستدلال علي المسائل الفقهية وذلك ببيان الأدلة، وإقامة مداركها، وتعليل أحكامها، وقد ساروا في ذلك على منهج تأصيل الأصول واستكشافها باعتماد الاستدلال الأثري والنظر العقلي معًا.
11- امتاز المنهج البغدادي في الدراسات الفقهية على غيره من مناهج المدارس المالكية الأخرى في الاحتجاج للمذهب بالأدلة النقلية والعقلية، وأحسن ما يمثل المنهج ‏البغدادي، مؤلفات القاضي عبد الوهاب.
12- استطاع علماء المدرسة المالكية ببغداد أن يتفوقوا على غيرهم من علماء المدارس ‏المالكية الأخرى في إبراز الجانب العقلي في المذهب المالكي أصولًا وفروعًا، وأنه مع كونه مذهبًا يقوم على الأثر رواية ودراية، فإنه أيضًا يقوم على الرأي وإعمال العقل، ويعرف ذلك من خلال أصوله النظرية، وأن المذهب الحنفي لا يمتاز عنه في ذلك بشيء، بل إن الغلبة ‏للمذهب المالكي لاعتماده الأثر على أوسع نطاق.
13- أثرت المدرسة المالكية ببغداد في غيرها من المدارس المالكية عن طريق الرحلات ‏العلمية، والمؤلفات التي سعى علماء المدارس في الحصول عليها، ومنها كتب القاضي عبد الوهاب البغدادي.
‏وقد عمل علماء المدارس المالكية الأخرى على تطوير منهجهم، وذلك بمذج أسلوبهم ‏مع أسلوب أهل العراق في تفريع المسائل بالفرض والتقدير، وكان هذا طبيعيًا للعلاقة الوطيدة التي نشأت بين أعلام المدرسة المالكية بالعراق وبين أعلام المدارس المالكية الأخرى.
14- اهتم علماء المدرسة المالكية ببغداد بشرح مؤلفات المدارس المالكية الأخرى، كالمختصرين الكبير والصغير لعبد الله بن عبد الحكم المصري، والأسدية، والمدونة، وكتاب (النوادر والزيادات)، وقام القاضي عبد الوهاب بشرح مؤلفات ابن أبي زيد القيرواني، وهذا يدل على مدى إعجاب مالكية العراق بهذه الكتب ومؤلفيها.
قائمة بأهم المراجع
1- أعلام الفكر الإسلامي، لمحمد الفاضل بن عاشور، مكتبة النجاح، تونس.
2- أزهار الرياض في أخبار عياض، لأبي العباس أحمد المقري التلمساني، صندوق ‏إحياء التراث، الرباط 1978م.
3- أدب الفقهاء لعبد الله كنون، دار الكتاب اللبناني، بيروت.
4‏- الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت 422هـ) تحقيق الحبيب بن طاهر، ط: دار ابن حزم.
5- انتصار الفقير السالك للراعي الأندلسي (ت 853هـ) دار الغرب الإسلامي، ‏بيروت، ط: 1981م.
6‏- برنامج المجاري لمحمد المجاري الاندلسي (ت 862هـ)، تحقيق محمد أبو الأحقاف، ‏دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1: 1982م.
7 ‏- ترتيب المدارك وتقريب السالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض (ت 544هـ)، ط: وزارة الأوقاف بالمغرب، ط: دار مكتبة الحياة بيروت، ط: دار مكتبة الفكر، ليبيا.
8‏- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت 463هـ)، دار الكتاب الغربي، بيروت.
9‏- تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، الهيئة المصرية الع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elmalikiya.rigala.net
 
السمات الأساسية للمدرسة المالكية بالعراق ومظاهر الالتقاء والافتراق بينها ‏وبين المدارس المالكية الأخرى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  المدارس الفقهية المالكية وتوزيعها الجغرافـــي
» خصائص المدرسة المالكية المغربية
» لمدرسة المالكية الفاسية: النشأة الأولى والمميزات عـهـد الـدولــة الإدريـسيـة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: قسم مدارس المذهب المالكي :: منتدى المدرسة العراقية-
انتقل الى: